التطورات في العالم الإسلامي خلال المائة سنة الماضية

التطورات في العالم الإسلامي خلال المائة سنة الماضية

 

 

التطورات في العالم الإسلامي خلال المائة سنة الماضية

 

عبدالله ابراهيم الضحوي

 

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة:

الحمد لله كما علّمنا أن نحمده والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه وكل ولي موحد.. أما بعد:

فإنّ القرآن الكريم خير كتاب أنزل للناس فهو هدى ونور وشفاء لما في الصدور ضم بين دفتيه العقائد الصادقة التي تصل القلوب بالله والعبادات الصحيحة التي تقوي الارادة وتزكي النفس والاخلاق الكريمة التي تعلو بها الهمم وتسمو بها عن سفاسف النفس ورذائل الاعمال والاحكام العادلة التي تقيم المجتمع على أسس قويمة وتضمن له السعادة والهناء على هذا النحو فهم الرسول وأصحابه كتاب الله عز وجل فجعلوه نصب اعينهم وقبلة قلوبهم وواقع حياتهم فاذا هم خير امة اُخرجت للناس «كنتم خير اُمة اُخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله» واذا الله يمكن لهم في الارض ويحقق لهم ما وعدهم به على لسان رسوله وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما أستخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنّهم من بعد خوفهم أمنا جعلوا القرآن ربيع قلوبهم وورد ألسنتهم فتلوه حق تلاوته وتدبروه حق التدبر وعملوا بأحكامه فأحلوا حلاله وحرموا حرامه لأنه النور الذي أضاء لهم دياجير الظلم قد جاءكم من الله نور و كتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات الى النور بإذنه ويهديهم الى صراط مستقيم علّمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّ القرآن الكريم حبل الله والنور المبين والشفاء النافع عصمة لمن تمسك به ونجاة لمن أتبعه لا يزيغ فيستعتب ولا يعوج فيقوم ولا يخلق على كثرة الرد أتلوه فإنّ الله يؤجركم على تلاوته كل حرف عشر حسنات لا أقول ألم حرف ولكن الف حرف ولام حرف وميم حرف رواه الحاكم عن عبدالله بن مسعود ونستطيع ان نقدم تصوراً سريعاً للعلاقات الانسانية في كتاب الله:

 أولاً: علاقة الفرد بربه:

هي عبادته وحبه والتوكل عليه والانابة إليه والرغبة في ثوابه والرهبة من عقابه قال تعالى «يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون والذين آمنوا اشد حبا لله وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين ـ اولئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة ايهم اقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه.

ثانياً: علاقة العبد بنفسه:

أ ـ التزكية والتحلي بمكارم الأخلاق، ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها.

ب ـ أن يمتع نفسه بالطيبات في حدود ما أحل الله له: وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنّه لا يحب المسرفين ـ يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا انّ الله لا يحب المعتدين.

ج ـ الاّ يلقي بنفسه الى  التهلكة وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيدكم الى التهلكة ولا تقتلوا أنفسكم انّ  الله كان بكم رحيما.

د ـ وأنه مسؤول بين يدي الله يوم القيامة عما كسب من خير أو اكتسب من شرّ لا يكلّف نفساً إلاّ وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت.

هـ ـ ان ينظر في آيات الله ويتدبر بديع صنعه واتقانه قل انظروا ماذا في السموات والارض وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون.

 ثالثاً: علاقة الفرد بأسرته:

أ ـ العلاقة بين الزوجين المودة والرحمة وحسن المعاشرة ومن آياته أن خلق من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة، وعاشروهن بالمعروف وقال صلى الله عليه وسلم «استوصوا بالنساء خيرا فإنهنّ خلقن من ضلع أعوج وإن أعوج ما في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها وإن استمتعت بها استمتعت بها وفيها عوج».

ب ـ علاقة الولد بوالديه ـ البر والاحسان والطاعة وحرمة الايذاء والعقوق وقضى ربك ألاّ تعبدوا إلاّ إياه وبالوالدين إحسانا رضا الله في رضا الوالدين وسخط الله في سخط الوالدين.

ج ـ علاقة الوالدين بالاولاد: حسن التربية والتأديب والتعليم والتهذيب وإذ قال لقمان لإبنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله إنّ الشرك لظلم عظيم وقال صلى الله عليه وسلم «مروا أولادكم بالصلاة لسبع سنين وأضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع» وقال ايضا «الزموا أولادكم وأحسنوا أدبهم» وقال ايضا «ما نحل والد ولده نحلا خيرا من أدب حسن».

د ـ علاقة الفرد بأقاربه صلة الرحم وإيتاؤهم حقوقهم بالمعروف وآت ذا القربى حقهم والمسكين وابن السبيل ـ واتقوا الله الذي تسألون به والأرحام، فهل عسيتم ان توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم.

رابعاً: علاقة الفرد بالمجتمع:

أ ـ في حسن الصلة والمودة: مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى وقد نهى الله تعالى وشدد في النهي عن السخرية والهمز واللمز والتجسس والتحسس وتتبع العورات بقوله يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى ان يكونوا خيرا منهم الى قوله تعالى «فإنّ الله تواب رحم» وقال «ص» «إيّاكم والظن فانّ الظن أكذب الحديث ولا تجسسوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تباغضوا ولا يبع بعضكم على بيع بعض وكونوا عباد الله اخوانا».

ب ـ في التجارة والمعاملة فلا يغش ولا يكذب في بيع ولا شراء ولا يطفف الكيل والميزان (ويل للمطففين الذين اذا اكتالوا على الناس يستوفون واذا كالوهم او وزنوهم يخسرون).. وقال «ص» البيعان بالخيار مالم يتفرقا فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كتما وكذبا محقت بركته بيعهما.

ج ـ وفي آدابه ومجاملاته وذلك كوجوب الاستئذان عند دخول البيوت (يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأذنوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون).

د ـ علاقة الحاكم بالمحكوم العدل والشورى والرفق  بالرعية قال تعالى «واستغفر لهم وشاورهم في الأمر» وقال تعالى في صفات المؤمنين «وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون» وقال صلى الله عليه وسلم «اللهم من ولى من أمور المسلمين شيئا فرفق بهم فأرفق به ومن ولى من امور المسلمين شيئا فشق عليهم فأشقق عليه».

وعلاقة المحكوم بالحاكم السمع والطاعة في المعروف «يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم».

 

خامساً: علاقة المسلمين بغير المسلمين:

في دار الإسلام البر والقسط والعدل لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إنّ الله يحب  المقسطين وفي دار الحرب والجهاد مالم يكن بيننا وبينهم عهد «يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة».

سادساً: علاقة الانسان بالكون الذي يعيش فيه:

أ ـ التفكر في خلق الله والنظر في آياته قال تعالى «اّن في خلق السموات والارض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب... الخ».

ب ـ التسخير والانتفاع بما خلق الله.. «وسخر لكم ما في السموات وما في الارض جميعا منه إنّ في ذلك لآيات لقوم يتفكرون».

ج ـ الاستخلاف في الارض: «هو الذي جعلكم خلائق في الارض فمن كفر فعليه كفره... الخ».

لقد حمل المسلمون لواء الإسلام وجاهدوا في سبيل الله حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ولقد طاردت هذه المبادىء القرآنية:

1- الوثنية المخرفة في جزيرة العرب وبلاد الفرس فقضت عليها.

2ـ اليهودية الماكرة فحصرتها في نطاق ضيق وقضت على سلطانها الديني والسياسي قضاء تاما.

3- المسيحية حتى انحصر ظلها في قارتي اسيا وافريقيا وانحازت الى اوروبا في ظل الدولة الرومانية الشرقية بالقسطنطينية.

4- اتسع الفتح العثماني حتى وصل الى فينا عاصمة النمسا.

5- أصبح البحران الأحمر والأبيض بحيرتين إسلاميتين.

6- إتسعت فتوحات المسلمين في الأندلس حتى وصلت الى حدود فرنسا.

دور الفرقة والشتات خصوصاً في المائة السنة الماضية

لقد دبّ الإنحلال الى تلك الدولة العظمى فضعف المسلمون بعد قوة وذلوا بعد عزّ وافترقوا بعد ان كانوا امة واحدة وذلك كله عندما انحرفوا عن هدى الله وتركوا كتابه وراءهم ظهريا وظل ذلك الانحلال ينخر في بناء الأمة كما ينخر السوس في الخشب وخصوصا في القرن العشرين وعوامل شتات الأمة الإسلامية كثيرة ومنها ما يلي:

1- الخلافات السياسية والعصبية فإنّها من الأسباب الرئيسية لتمزق كيان المجتمع والله تعالى يقول ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ويقول ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا.

2- انقسام المسلمين الى شيع وأحزاب في مسائل العقيدة وفي فروع الدين وتعصّب كل حزب لرأيه ثم ما تلا ذلك من انحراف في سياسة الحكم فبعد أن كانت خلافة راشدة تحولت الى ملك عضوض مستبد.

3- الإنغماس في ألوان الترف والملذات وترك عماد من أعمدة الإسلام ألا وهو الجهاد في سبيل الله لتكون كلمة الله هي العليا وقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام ما ترك قوم الجهاد إلاّ ذلّوا.

4- إعتزاز الملوك والسلاطين بقوتهم الزائفة وانشغالهم عن التطورات العلمية التي حدثت من حولهم وخاصة بعد النهضة الاوروبية وتخلف المسلمين في كل مجالات الحياة كما قال الشاعر:

ألقاب مملكة في غير موضعها *** كالهر يحكي انتفاخا صولة الاسد

5- فصل الدين عن السياسة عمليا فقد استخدم الملوك والسلاطين علماء السوء يستصدرون منهم الفتاوى التي تحقق لهم مآربهم الشخصية ومصالحهم الذاتية.

6- سريان النزعات الجاهلية والقومية في نفوس حكام المسلمين ولم يعد العمل للدين وبالدين إكبارا له وإجلالا وكما يقولون الدين لله والوطن للجميع بغض النظر عن الدين ومنهم من يقول كفر يوحدنا خير من إيمان يفرقنا... وشاعرهم يقول:

ما دمت محترماً حقي فأنت اخي *** آمنت بالله أو آمنت بالحجر

7- تلك الضلالات والبدع والخرافات التي انتشرت في العالم الإسلامي وحجبت الناس عن التوحيد الصافي من منابعه الاصلية من الكتاب والسنّة وانشغل الناس بالابتداع في الدين عن الابتداع في الدنيا.

8- جمود الفقهاء المتأخرين على ما الفوه في الفقه الإسلامي من متون وشروح وحواش جعلت التشريع مفسدة للعقل والقلب معاً ومضيعة للوقت والزمن وسدّوا باب الاجتهاد وعطّلوا عقولهم وعقّدوا مسائل الشريعة غير آبهين بما تجري به الدنيا من حولهم من المستجدات العلمية.

9- تأثير الثقافة الغربية والغزو الفكري: فقد علق الغربيون اسباب الرزق والوظائف في الدول الإسلامية على ابواب معاهدهم وجامعاتهم ومدارسهم فكل من يتلقى العلم في هذه المدارس والمعاهد والجامعات على النظام الاوروبي هو الذي يحق له أن يتولى الوظائف والقيادة في أمته فتولى دفة الحكم في البلاد الإسلامية قوم أجسادهم عندنا وقلوبهم وعقولهم في اوروبا فنقلوا الحياة الغربية والعلوم الاجتماعية والانسانية والعادات والتقاليد الغربية والفنون والآداب  نقلاً حرفياً فألبسونا ثوباً لم يفصل على قدنا ولم ينسج في بيئتنا فأفسدوا بذلك التربية والتعليم والثقافة والاعلام والصحافة وأصبح الكتّاب الذين يكتبون في صحفنا ومجلاتنا يكتبون بالعقلية الاوروبية فسمموا بذلك عقول الشباب وتخرجت على ايديهم اجيال تستخف بالدين وتعاليمه وتستهزىء بشريعته وآدابه.

10 ـ في ميدان الاخلاق انحطت اخلاق الأمة الإسلامية ودبّ فيها الخبث والفساد والفسوق والعصابة واجترئوا على الله ورسوله وجروا جريا حثيثا وراء شهوات فروجهم وبطونهم واصبح مصدر الإلزام الخلقي هو العقل الجمعي فما يراه المجتمع حسناً فهو حسن وما يراه قبيحا فهو قبيح بغض النظر عن الايمان بالله واليوم الآخر والتخلق باخلاق الإسلام ورأينا من يقول أنّ مصدر الالزام الخلقي هو المنفعة فكل ما ينفع الانسان فهو خلق حسن فكل ما يترتب عليه امر عملي فهو من مكارم الاخلاق فأهدوا بذلك القيم الخلقية الثابتة كالشهامة والمروءة وغيرها تأثراً بالمذهب البرجماتي الذي يقول به وليم جمس وجونديوي في اميركا ورأينا من يقول ان مصدر الالزام الخلقي هو اللذة وهكذا ضاعت الاخلاق في هذا الخضم من الفلسفات الكافرة التي لا تؤمن بالله ولا باليوم الاخر وصدق أمير الشعراء شوقي:

وإذا اصيب القوم في اخلاقهم *** فأقم عليهم مأتماً وعويلاً

ويقول الدكتور محمد اقبال الفيلسوف المسلم فيما ترجمته شعر الصاوي شعلان:

إذا الإيمان ضاع فلا أمان *** ولا دنيا لمن لم يحي دينا

ومن رضي الحياة بغير دين *** فقد جعل الفناء لها قرينا

وفي التوحيد للهمم اتحاد *** ولن تبنوا العلى متفرقينا

11- اللادينية التي تحكم البلاد بقوانين وضعية بشرية ولا تؤمن بالله ولا كتبه ولا اليوم الآخر ولا تعترف بالدين نظاما للحياة ولم تحكم بما أنزل الله.

12- القومية المجردة التي تدعو الى احياء القوميات القديمة العنصرية وتمجدها بغض النظر عن ارتباط هذه القوميات بالدين وهي عصبية جاهلية عادت الى الحياة في ثوب جديد.

13- الديمقراطية ويعرّفونها بأنها حكم الشعب للشعب ومن المعلوم أنّ الرأي في النظام الديمقراطي للأغلبية البرلمانية حتى لو كان فيه خروج عن الدين والمقدسات.

14- ومن المبادىء الخطيرة التي تعامل بها حكام الإسلام مع شعوبهم أن الغاية تبرر الوسيلة فاستباحوا لأنفسهم الاستبداد والطغيان فقتلوا وسجنوا وسلبوا الحريات بدعوى انهم يريدون ان يحققوا الصالح العام وأن الغاية تبرر الوسيلة كما يقول القسيس الإيطالي مكيا فلي في كتابه الأمير ومن المعلوم في الإسلام انه لابد من شرف الغاية ونزاهة الوسيلة.

15- التأثير الاقتصادي ويتمثل ذلك فيما يأتي:

أ- النظام الرأسمالي الذي أنشأ هوة سحيقة بين الطبقات في المجتمعات الإسلامية فرأينا الذين ينفقون ببذخ وسرف والذين لا ينفقون لفقر وبؤس.

ب ـ النظام الشيوعي الذي جعل الفرد كمسمار في آلة كلما اطل برأسه هوت عليه المطرقة لتعيده الى مكانه فالأولون دللوا الفرد على حساب المجتمع والاخرون طحنوا الفرد من اجل المجتمع.

ج ـ إباحة المكاسب الخبيثة وأكل السحت كالربا والقمار واليانصيب واحتكار السلع وبيعها في السوق السوداء مما ادى الى غلاء الاسعار والتضخم النقدي.

د ـ الإستدانة من البنوك الاجنبية جعلت الشعوب الإسلامية تدور في فلك النظام الغربي وتضاعفت فوائد الديون حتى ساوت الديون او كادت ان تتجاوزها كما رأينا في البنك الدولي وتأثيراته في البلاد الإسلامية.

16- التأثيرات القانونية: شرع المسلمون لأنفسهم قوانين وضعية وانظمة بشرية بمعزل عن دين الله وهدفه ونظام حكمه ومن المعلوم ان القوانين الوضعية تتسم بالأوصاف الآتية:

أ ـ تتسم بالضعف والهوى وهذا في أحسن حالاتها.

ب ـ الجهل والقصور البشري فانّ الذي يريد ان يضع تشريعا للناس عليه ان يحيط علما بخفايا النفس الانسانية وهذا مستحيل وبالتجارب الانسانية في الماضي والحاضر والمستقبل وهذا مستحيل كذلك.

ج ـ خضوعها لاهواء الحكام ومصالحهم الخاصة.

د ـ أنّها تتسم بالعلاجات الجزئية للمشكلات الإنسانية ولذا نرى القوانين تتغير حينا بعد حين فاذا ما  حاولت علاج داء انشأت بازائه داء جديدا وهذا كله نتيجة للرؤية الناقصة وغير الشاملة كما قال الشاعر العربي:

إذا استشفيت من داء بداءً *** فأقتل ما أعلك ما شفاكا

هـ ـ أهملت القوانين الوضعية المبادىء الخلقية فالقوانين لا تعترف بالاخلاق ولو في حدود ضيقة فجريمة الزنا مثلا اذا وقعت بالتراضي بين الطرفين فلا حد عليها ولا عقاب.

17- في العادات والتقاليد ونظام الاجتماع وقعت الأمة الإسلامية فيما حذرها منه رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال لتتبعنّ سنن من كان قبلكم شبرا بشبر حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه قالوا يا رسول الله اليهود والنصارى قال فمن؟ ولهذه التأثيرات في العادات والتقاليد مظاهر.

أ ـ أن الدين هو ما ينتج عن العقل الجمعي للمجتمع وليس موحى به من السماء.

ب ـ انحطاط الشباب وتقليدهم للغرب في عاداتهم وزيهم واقوالهم وافعالهم كما قال محمد مصطفى حمام:

يوم سن الفرنج كذبة إبريل *** غدا كل عمرنا إبريلا

قد أخذنا الخبيث منهم ولم *** نقبس من الطيبات إلاّ القليلا

نشروا الرجس مجملا فنشرناه *** كتابا مفصلا تفصيلا

18- في الولاء للاعداء حيث اصبحنا نوالي اعداءنا من اليهود والنصارى والملاحدة وأصبح المسلم يخجل من الانتماء الى الإسلام وأداء شعائره ولذلك نتائجه ومنها:

أ ـ اذا تكلم الكتاب والادباء في محاضرة أو حديث فلا يبدأون (ببسم الله الرحمن الرحيم) وكذلك في كتابة الشكاوى والعرائض وطلبات التوظيف وأوامر العمل لا يكتبون بسم الله.

ب ـ أصبحنا نمجد عاداتهم وتقاليدهم وطبائعهم ومفاسدهم في مجال السينما والمسرح والتلفاز والبث المباشر فضاعت بذلك تقاليد المسلمين ومسخت شخصيتهم حتى كأنها صورة طبق الأصل لشخصية الأوروبي وطباعه واخلاقه واصبح الإسلام إسلاميا اسميا بشهادة الميلاد وتسمية الوالدين.

ج ـ خرجت المرأة عن حيائها وادبها الذي أدبّها الله به فاصبحت النساء كاسيات عاريات مميلات مائلات فزاولن العمل وزاحمن الرجال بالمناكب في المكاتب في أكثر بلاد الإسلام.

د ـ تزعزعت القيم والموازين فأصبح الصغير لا يحترم الكبير ولا يوقر العالم ولا يبر والديه وقطعوا ارحامهم وعرى المودة فيما بينهم واصبحوا يفتخرون بالاحساب والانساب كأنّ الجاهلية أطلّت بقرونها مرة ثانية.

هـ ـ اصبحت القيم المعتبرة بين الناس هي القيم المادية واثّر ذلك على نظام الاسرة والمجتمع وعقّد تكاليف الزواج وارتفعت المهور ارتفاعا رهيبا وجنح الشباب الى الرذيلة نتيجة لضغط الغريزة الجنسية والعقبات التي وضعت في طريق الزواج.

و ـ اصبحوا يستحسنون كل الواردات التي تأتي من الغرب ويشكون فيما لديهم من تراث زاخر بالعلم والحضارة والعمران والإنتاج الجيد.

19- التعبئة العسكرية للمعسكرات المختلفة:

فإذا كان ولاء المسلمين للغرب كانت الانظمة العسكرية والاسلحة والعتاد الحربي نظاما غربيا خالصا واذا كان الولاء للمعسكر الشرقي والدول الشيوعية كان العتاد والاسلحة ونظام الجيوش نظام شيوعيا ولم تعتبر الأمة بقول الله تعالى (وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم) وكان المرجو من هذه الأمة أن تأكل مما تزرع وتلبس مما تنسج وتسلح مما تصنع.

ظهور الحركة الصهيونية المشؤومة واحتلال الأراضي الفلسطينية

في ضوء هذه الاضطرابات الاجتماعية وهذا الانحطاط الخلقي وهذا الخروج السافر على هدي الله وهذا التعطيل الصارخ لحدود الله واستباحة محارمه طمع فيهم الطامعون وشذاذ الآفاق وتداعت عليهم الامم كما تتداعى الاكلة على قصعتها كما قال النبي عليه الصلاة والسلام «يوشك ان تداعي عليكم الامم كما تداعى الأكلة على قصعتها قيل أمن قلة نحن يومئذ يا رسول الله قال انكم يومئذ لكثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ولينزعن الله من صدور اعدائكم المهابة منكم ويلقي في قلوبكم الوهن قيل وما الوهن يا رسول الله قال حب الدنيا وكراهية الموت» ذلك الداء العضال الذي فت في عضد الأمة وجعلها تقعد عن فريضة الجهاد هو الذي جعل اللئام واعداء الانسانية يتداعون على الأمة الإسلامية ومن هؤلاء اليهود أو الحركة الصهيونية:

1- ما هي  الصهيونية: إنّها حركة عنصرية قومية تدعو الى اقامة وطن قومي لليهود في فلسطين والصهيونية نسبة الى جبل صهيون وهو جبل في بيت المقدس كما قال ابن خلدون في مقدمته.

2- أركان الصهيونية ودعائمها ثلاثة:

ـ التوراة المحرّفة.

ـ الشعب المختار وهم اليهود في زعمهم.

ـ أرض الميعاد وهي فلسطين وقد زعموا أنّ يعقوب عليه السلام صارع الله تعالى وكاد يغلبه فقال له دعني فقال لن أدعك حتى تعطيني وعداً فأعطاه فلسطين ارض الميعاد.

3- أدوارها العالمية:

ـ نسج المؤامرات على الشعوب والحكّام.

ـ الفساد الخلقي.

ـ الدعوة الى العري والإنحلال الجنسي كما قرر ذلك فرويد وهو يهودي من اليهود.

ـ مبدأ الولاء للقوة الصاعدة.

ـ استحمار الأمم فهم يقولون (لجويم) والاميون في نظرهم هم كل البشر ما عدا اليهود.

ـ تطاولوا على الله فوصفوه بأنه فقير وبأنّ يده مغلولة، لقد سمع الله قول الذين قالوا انّ الله فقير ونحن أغنياء وقالت اليهود يد الله مغلولة وتطاولوا على الملائكة فقالوا ان جبرئيل عليه السلام عدوهم من الملائكة وتطاولوا على النبي عليه الصلاة والسلام وهمّوا بقتله مرارا وأشعلوا الفتنة الكبرى التي حدثت بين علي ومعاوية والذي تولى كبرها هو عبدالله بن سبأ اليهودي  الملقب بابن السوداء وتطاولوا على كتاب الله فدسوا من أكاذيبهم وخرافاتهم ما يخدش عصمة الانبياء وذلك في كثير من كتب التفسير.

الأطوار التأريخية:

1- مؤتمر بال الذي عقد في سويسرا 1897م.

2- ادخلت بريطانيا فلسطين تحت الانتداب.

3- ذهب تيودور هيرتزل الى السلطان عبدالحميد وهو من آخر سلاطين الدولة العثمانية وطلب منه ما يأتي:

1- أن يعطيهم فلسطين ليقيموا فيها وطنهم القومي.

2- سداد جميع ديون الدولة العثمانية.

3- دفع مبلغ شخصي للسلطان عبدالحميد فقال الرجل إنّ ارضاً اشتريناها بالدماء لن نبيعها إلاّ بدمائنا ثم امر بطرده وكان قبيح الوجه والمنظر ثم تآمر اليهود على إلغاء الخلافة العثمانية فقام مصطفى كمال اتاتورك وهو من يهود (الدونمه) فقام بهذا الدور وألغى الخلافة الإسلامية وذلك كردّ فعل من اليهود انتقاما من السلطان عبدالحميد.

4- في 2 نوفمبر 1917م كتب وزير خارجية بريطانيا خطابا الى اللورد تشلد يقول فيه عزيزي اللورد يسرني أن اخبرك بأن حكومة جلالة الملك تنظر بعين العطف الى اقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.

5 ـ ومنذ ذلك الوقت سمح الانجليز لليهود بدخول فلسطين فدخولها على شكل عصابات مسلّحة من اجل مناوشة العرب فكان منها عصابة تشيرن وعصابة الأرجون وغيرها من العصابات وحرمت انجلترا الفلسطينيين من التسلح على حين سمحت به لليهود.

6- واشترى اليهود الأرض ضمن العرب الفلسطينيين بأغلى الأثمان وسحبوها منهم في نوادي القمار والدعارة والخمور.

7- قامت ثورات في فلسطين ضد اليهود والانجليز ومنها ثورة البراق 1936م وأخمدها الانجليز.

8- وفي سنة 1948م وبالتحديد 4 مايو أعلن ديفيد بنجريون اقامة دولة اسرائيل وكان قد صدر قرار من الامم المتحدة سنة 1947م بتقسيم فلسطين الى دولتين عربية ويهودية فلم يعترف به العرب ولا اليهود وعندما قامت دولة اسرائيل اعترفت بها اميركا وبريطانيا وفرنسا والاتحاد السوفيتي وزودتها اميركا ودول الغرب بالاسلحة والمؤن والعتاد الحربي.

9 ـ دخلت جيوش العرب في فلسطين فهزمت عن آخرها لانها كانت جيوشا ضعيفة وكانت كتائب الحركة الإسلامية تجاهد اليهود جهادا صادقا فكانت كلمة الله اكبر تزعزع مستعمرة بأسرها ومن هذه الكتائب كتيبة احمد عبدالعزيز في فلسطين وغيرها.

10- وعندما هزمت الجيوش العربية اقترحت دول الغرب ان تكون هدنة بين العرب واليهود ووقعت اتفاقية الهدنة في رودس اكتوبر 48 وفتحت السجون والمعتقلات للفدائيين في الحركة الإسلامية وجردوا من اسلحتهم.

11- وكانت حروب متتالية بين العرب واليهود خرج العرب منها كلها مهزومين وكانت النكسة الكبرى في يونيو 67م عندما شغلت الجيوش العربية بالترف والملذات هجمت الطائرات الميراج عند الفجر وضربت كل المطارات العربية بما فيها حظائر الطائرات واحتلت اسرائيل فلسطين كلّها وأغوار الأردن وهضبة الجولان وصحراء سيناء ووصلت الى ضفة قناة السويس وتخاذل الروس عن نصرة العرب فلم يقدموا لهم شيئاً من العون.

12- وكانت حرب اكتوبر 73م وكادت الجيوش المصرية والعربية أن تنتصر لولا أنّ اليهود احدثوا ثغرة ودخلوا مصر وحاصروا الجيش الثالث الميداني فظل الحصار حتى عقدت اتفاقية كامب ديفيد.

 إتفاقية كامب ديفيد

هناك أسباب مهدت لعقد هذه الاتفاقية المشؤومة بين مصر واسرائيل:

1- الهزيمة الساحقة التي وقعت سنة 67م.

2- الاستسلام وقبول الواقع على ما هو عليه.

3- الفراغ العقائدي والانحطاط الخلقي.

4- تفسخ الدول العربية وتعدد إنتمائها وولاءاتها للدول الكبرى.

5 ـ تفوق اسرائيل العسكري.

6 ـ حصار الجيش الثالث الميداني المصري بعد حرب اكتوبر 73م.

عقدت هذه الاتفاقية المشؤومة وأطرافها هم كارتر رئيس الولايات المتحدة وبيجين رئيس اسرائيل عن كتلة اليهود والسادات وعقدت هذه الاتفاقية التي ادت الى ما يأتي:

1- الإعتراف بالكيان الاسرائيلي باعتباره دولة كسائر دول الشرق الاوسط.

2- إنهاء الحرب بين مصر واسرائيل وانهاء حقبة العداء والصراع بين الدولتين.

3- التمثيل الدبلوماسي والسياسي بين الدولتين بتبادل السفراء بينهما.

4- التطبيع الاقتصادي والسياحي والثقافي بين البلدين.

5- اشراك الفلسطينيين في التفاوض من اجل اقامة حكم ذاتي في الضفة الغربية.

6- التحفظ الكامل في موضوع القدس لأنّ اسرائيل ترى أنّها العاصمة الأبدية لدولة اسرائيل وستبقى موحدة اي القدس الشرقية والغربية تحت السيادة الاسرائيلية وقد اتفقت على هذا الرأي جميع الاحزاب الاسرائيلية الواجهات والمنظمات الصهيونية العلنية والسرية كما كتبها الاستاذ / فتحي يكن في رسالته العالم الإسلامي والمكايد الدولية قال ومن اهم الواجهات العلنية:

1- التحالف الاسرائيلي العالمي.

2- المؤتمر اليهودي العالمي.

3- الاتحاد العالمي للصحفيين اليهود.

4- المجلس الاستشاري للمنظمات اليهودية.

5- منظمة العمل وإعادة البناء.

6- المنظمة العالمية الاسرائيلية.

7- المجلس العالمي لليهود الربانيين.

8 ـ منظمة الصهيونية العالمية.

ومن الواجهات السرية:

1- الماسونية.

2- الروتاري.

3- الليونز.

ويهمّنا أن نشرح بعض هذه الحركات شرحاً موجزاً:

1- الماسونية: وهي حركة يهودية سرية تدعو الى هدم جميع الأديان وإزالة الحواجز بين البشر لتحقيق مملكة يهوى اله اسرائيل على الأرض.

أمّا اللوتاري والليونز وهي بديلة للماسونية وتدعو هذه النوادي الى العودة الى فلسطين واقامة مملكة يهوى التي تحكم كل العالم ويغسلون ادمغة الشباب والشابات باشاعة الأفكار الفاسدة والمبادىء الهدامة ونشر العرى والممارسات الخبيثة بين الذكور والاناث حتى يدينوا جميعا بالولاء لليهود.

 اهداف السياسة الصهيونية

قامت السياسة الصهيونية على مخططات عميقة مدروسة بعناية على حين أن السياسة العربية اعتمدت على الارتحال والعفوية وحسن الظن باليهود وسوء التخطيط ونلخص هذه الاهداف فيما يلي:

1- السيطرة الاقتصادية على كل بنوك العالم ومصارفه.

2- التفوق العسكري على كل القوى العربية مجتمعة.

3- الهيمنة الاعلامية على كل وسائل الاعلام واجهت به في الدول الغربية وغيرها.

4- الهيمنة على فلسطين وإنشاء دولة اسرائيل.

5- الحصول على شرعية دولية معترف بها من الدول الكبرى لاقامة دولة اسرائيل.

6- الغزو الثقافي والفكري وتسميم العقلية الغربية والإسلامية باشاعة أن اسرائيل اصبحت امرا واقعا لا شك فيه ولابد من التعايش بين العرب واليهود.

 بروتوكولات حكماء صهيون

هي مجموعة التقارير والوصايا التي اصدرها حكماء اليهود في مؤتمرهم المنعقد في بال عام 1879م ومضمون هذه البروتوكولات:

1- إفساد الحياة الاقتصادية.

2- إطلاق الغريزة الجنسية.

3- إفساد علم الاجتماع.

4- التشكيك في الأديان كلها.

5- إخضاع كل التطورات الاجتماعية والخلقية والفكرية للعامل الاقتصادي كما ذهب الى ذلك ماركس في شيوعيته.

6- إشاعة الإلحاد والفجور والعري في كل وسائل الاعلام وفي كل مجالات الحياة.

 إتفاقيات السلام الأخيرة

منذ مدريد وحتى الآن هذه الاتفاقيات بدأت بمفاوضات مدريد عاصمة اسبانيا وكانت تقوم على مبدأ الأرض مقابل السلام ولكن الفلسطينيين عقدوا اتفاقات سرية مع اليهود في أوسلو عاصمة النرويج ثم عقدت اتفاقيات في واشنطن وطابة في مصر كما عقدت اتفاقية  الخليل بين العرب واليهود وتتضمن كل هذه الاتفاقيات ما يأتي:

1- اعطاء الفلسطينيين حكماً ذاتياً محدوداً في غزة واريحا اولاً ثم في بقية الضفة الغربية ما عدا القدس.

2- التعاون الامني بين الفلسطينيين والمخابرات الاسرائيلية.

3- القضاء على المنظمات الفلسطينية التي تعارض اتفاقية السلام وخاصة منظمة حماس والجهاد الإسلامي.

4- إبقاء وضع القدس واللاجئين والحدود الأمنية الى المفاوضات النهائية.

5- تطبيع العلاقات مع اليهود وسائر الدول العربية في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية وقد تغيرت الحكومات في اسرائيل حتى تم إنتخاب ايهود باراك رئيس حزب العمل في المرة الأخيرة 17 مايو 99م.

وقد خرج الرجل بأربعة لاءات:

1- لا تفريط في القدس وأن تبقى عاصمة موحدة لاسرائيل تحت السيادة الاسرائيلية.

2- لا يسمح بجيش اجنبي في الضفة  الغربية.

3- لا تفكيك للمستوطنات الاسرائيلية في الضفة والقدس.

4- لا عودة لحدود 67م.

والحكومات العربية تنتظر تشكيل الحكومة الجديدة الائتلافية بين حزب العمل والأحزاب الأخرى في شكل حكومة واحدة وطنية وليعلم كل من له عقل أنّ اليهود لن يعطوا العرب سلاماً كاملاً ابداً ولكن سيبقى اليهود تحت الخوف والتهديد تصديقاً لوعد الله ووعد رسوله اما وعد الله فقوله تعالى «وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم الى يوم القيامة.... الخ» وأما وعيد  الرسول فمنه قوله «ص» «تقاتلون اليهود هم غرب النهر وانتم شرقيه وقوله لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون فيختبىء اليهود خلف الحجر والشجر فيقول الحجر والشجر يا مسلم يا عبدالله هذا يهودي خلفي فتعال فأقتله إلاّ الغرقد فإنّه من شجر اليهود» وهنا نقطة مهمة لابد من التنبيه عليها وهي أنّهم يسعون لهدم المسجد الأقصى وبناء هيكل سليمان على انقاضه ويقولون في أكاذيبهم انه ستظهر بقرة حمراء لا شية فيها فاذا ظهرت فانه سيهدم المسجد الاقصى اما بفعل فاعل او غير ذلك ثم يتم بناء الهيكل على أنقاض المسجد الأقصى فعلى المسلمين أن ينتبهوا لهذا الخطر الذي ينخر في عظامهم كالسوس حتى يقضي عليهم وعلى الفلسطينيين أن يعلموا أن فلسطين ليست ملكاً لهم ولكنها ملك للعالم الإسلامي كله وعليهم أن يحافظوا على المسجد الأقصى وقدسيته وأن يبذلوا في ذلك الأرواح والدماء إذا هم أرادوا العزة والسيادة (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين).

 

ظهور الصحوة الإسلامية

ظهرت الصحوة الإسلامية كرد فعل طبيعي لما يأتي:

1- الانحطاط الخلقي.

2- التخلف المادي.

3- التعبئة العسكرية للأمم الغربية.

4- ظهور الحركات الهدامة كالشيوعية والصهيونية.

5- فشل التجارب التي قامت بها الحكومات لاصلاح الشعوب.

6- فساد أداة الحكم ونظمه التقليدية.

7- قصور التشريعات الوضعية من اجل ذلك كله ظهرت الصحوة الإسلامية فالصحوة إذاً تعني عودة الوعي والانتباه بعد غيبة وقد عبر عن هذه الصحوة باليقظة في مقابلة النوم الطويل أو التنويم الذي عانته الأمة الإسلامية ويعبر عنها كذلك بالنهضة في مقابلة التخلف ويعبر عنها كذلك ايضا بالبعث في مقابلة الموت ومنه قوله تعالى «وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه».

 خصائص الصحوة الإسلامية المباركة

تمتاز بالخصائص الآتية:

1- صحوة عقل وعلم ويعرف ذلك من إقبال الشباب المسلم على الاستزادة من العلم والمعرفة والتصاقهم بعلماء الإسلام وحضورهم في ندواتهم ومحاضراتهم ومجالسهم كما يعرف ذلك من نبوغهم في العلوم التطبيقية والعملية فمنهم المهندسون والأطباء وعلماء الكون وعلماء الذرة والألكترونيات والطيران... الخ.

2- صحوة قلوب ومشاعر ويعرف ذلك في الحماس الدافق المنطلق الذي نلمسه في شباب الإسلام وفي خشوع قلوبهم ووجلها لذكر الله تعالى وفي تهجدهم في الأسحار وبكائهم من خشية الله وفي تحمسهم للاسلام واستعدادهم للجهاد في سبيل الله ببذل النفس والنفيس حتى لا تكون فتنة ويكون  الدين كله لله.

3- صحوة التزام وعمل فقد ترجمت هذه الصحوة عقيدة الإسلام الى سلوك عملي والى سمو نفسي وعلو همة والتزام كامل بفرائض الإسلام وسننه وآدابه وتشريعاته والحرص على الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم واتباع سنّته واجتناب البدع والأهواء.

4- صحوة الشباب المثقف من الشبان والفتيات ومن المعلوم بأن الشباب هم عماد هذه الأمة ودعامة نهضتها وأنهم نصف الحاضر وكل المستقبل كما يقول علماء الاجتماع وأنهم شباب مثقف وليسوا من الأميين أو الذين يفكون الخط كما يقال ولكنهم من شباب المعاهد والجامعات ومن شباب التربية والتعليم وهم على المام واسع بكل الثقافات الاصيلة منها او الوافدة.

5- ومن خصائص هذه الصحوة أنّها عالمية فليست هذه الصحوة مقتصرة على بلد دون بلد أو اقليم دون اقليم أو جنس دون جنس ولكنها تشمل العرب والعجم والشرق والغرب كما انها منتشرة في سائر القارات في اوروبا واسيا واستراليا والاميركيتين.

 حركات التجديد والدعوة وأثرها في الصحوة الإسلامية

ظهرت حركات إسلامية جددت الدعوة الى هذا الدين وأثرت في  الصحوة الإسلامية تأثيراً مباشراً نذكر منها:

1- الحركة السلفية 1206هـ التي قامت في الجزيرة العربية والتي تدعو الى تنقية الدين وصفاء التوحيد من البدع والخرافات والأوهام والعودة الى النبع الصافي من الكتاب والسنّة واتباع آثار السلف الصالح رضوان الله عليهم في سلوكهم واخلاقهم.

2- الحركة السنوسية في ليبيا 1276 هـ التي اسسها الشيخ المجاهد العالم محمد بن علي السنوسي والتي اتخذت من الزوايا والخلوات منطلقا لهذا وكانت امتدادا للحركة السلفية في الدعوة الى  تجديد الدين واحيائه ومحاربة الشرك.

3- الحركة المهدية في السودان وزعيمها محمد بن احمد المهدي والتي دعت الى التمسك بالإسلام ومحاربة الاستعمار  الانجليزي في السودان عام 1314هـ .

4- دعوة السيد جمال الدين الافغاني التي دعت الى الحرية السياسية والثورة على الاستعمار والمؤاخاة بين العقل والدين والأخذ بأسباب النهضة الحديثة في كل مجالات الحياة والاعتناء بالعلوم العملية والتطبيقية والثورة على الظلم والجور أينما كان ونقد المذهب الطبيعي في الفلسفة وذلك في تاريخ 1320هـ.

5- ومنهم الأديب عبدالرحمن الكواكبي الذي حارب الاستبداد والفساد في كتابه (طبائع الاستبداد).

6- ومدرسة الشيخ محمد عبده الذي دعا الى الإنفتاح على الحضارة الحديثة وأخذ النافع منها ورد الضار الذي لايتفق مع ديننا وطبيعة اُمّتنا ونادى باصلاح التربية والتعليم وباصلاح الأزهر الشريف ودعا الى تدريس العلوم الحديثة في الأزهر مع العلوم الإسلامية جنباً الى جنب.

7- ومنهم العلاّمة الشيخ محمد رشيد رضا صاحب تفسير المنار ومجلة المنار وقد تناول الحضارة الغربية بالنقد وفسّر القرآن الكريم تفسيراً يتفق مع حاجات الأمة الإسلامية المتجددة في هذا العصر.

8- ومنهم الإمام الشهيد حسن البناء الذي أسس جماعة الإخوان المسلمين ودعا الى الأخذ بالإسلام كله دينا ودولة عقيدة وشريعة مصحفاً وسيفاً ادارة ووزارة كما دعا الى التحرر من الاستعمار سواء كان استعماراً عسكرياً او فكرياً كما دعا الى الحكم بما أنزل الله ونبذ القوانين الوضعية والتشريعات الغربية والى الاخذ بنظام الإسلام في النواحي السياسية والاقتصادية والحربية والثقافية وفي نظام التربية والتعليم الى غير ذلك من حركات التجديد التي لا يأتي عليها الحصر وأخيرا الثورة الإسلامية في ايران.

 ثورة إيران الإسلامية عام 1979م

ومما يدعو الى الاغتباط بالسعادة تتويج ثورة إيران الإسلامية لتلك الصحوة المباركة التي ذكرناها آنفاً ثورة  ايران الإسلامية التي اعادت الامل والتفاؤل بكل مسلم على ظهر المعمورة والتي قام بها الشعب  الايراني الأصيل الذي يأنف الظلم ويأبا الضيم والهوان كما قال الشاعر التونسي ابو القاسم الشابي:

          إذا الشعب يوماً أراد الحياة *** فلابد أن يستجيب القدر

  ولابد لليل أن ينجلي *** ولابد للقيد أن ينكسر